قالوا هذه المقالة، إذن: فَهِمَ القومُ أن رسول الله أتي بيت المقدس بروحه وجسده، وإلا ما قارنوا بين ذهابهم وذهابه، فالذين عاصروا هذه الحادثة قالوا هذه المقالة، فكيف نأتي اليوم لنقول: إن الإسراء كنا مناماً، أو كان بالروح دون الجسد؟
وقوله تعالى: ﴿سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ... ﴾ [الأحزاب: ٣٨] أي: إخوانه من الرسل السابقين، أو فيما كان قبل الإسلام من التعدُّد، فلم يكُنْ رسول الله بدَعاً في هذه المسألة.
﴿وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً﴾ [الأحزاب: ٣٨] تلحظ أن الآية السابقة خُتِمَتْ بقوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً﴾ [الأحزاب: ٣٧] فلقائل أن يقول نعم مفعولاً في هذا الوقت الذي حدثتْ فيه هذه الأحداث؛ لذلك قال هنا ﴿وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً﴾ [الأحزاب: ٣٨] أي: أن ما حدث لرسول الله كان مقدراً أزلاً، ولا شيء يخرج عن تقدير الله، وقد صَحَّ أن القلم قد جَفَّ على ما كُتِب، وعلى ما قُدِر.
وكأن الحق سبحانه يُعيدنا إلى قوله تعالى في نبيه محمد: ﴿وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ... ﴾ [الأحزاب: ٣٧] فالرسل