حتى التاريخ يمحونه، والأشياء يمسخونها؛ لأنهم يريدون أن ينشئوا تاريخاً جديداً. لا إن هذا القرآن يريد أن يصوب التاريخ، فيأتي بسورة اسمها «آل عمران» وذلك تكريم عال لهذه الديانة ولتابعيها.
وبعد ذلك يأتي الحق فيستهلها: بقوله جل شأنه: ﴿الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم﴾
تلك هي قضية القمة، ولذلك يتكرر في القرآن التأكيد على هذه القضية، ﴿الله لا إله إِلاَّ هُوَ﴾. و ﴿الله﴾ كما يقولون مبتدأ، و ﴿لا إله إِلاَّ هُوَ﴾ خبر، والمبتدأ لابد أن يكون متضحاً في الذهن، فكأن كلمة ﴿الله﴾ متضحة في الذهن، ولكنه يريد أن يعطي لفظ ﴿الله﴾ الوصف الذي يليق به وهو ﴿لا إله إِلاَّ هُوَ﴾. ولذلك يقول الحق: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦١].
إذن فالله متضح في أذهانهم، ولكن السلطات الزمنية أرادت أن تطمس هذا الإيضاح، فجاء القرآن ليزيل ويمحو هذا الطمس مؤكدا ﴿الله لا إله إِلاَّ هُوَ﴾ فهذه قضية أطلقها الحق شهادة منه لنفسه: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ [آل عمران: ١٨].
وكفى بالله شهيداً؛ لأنها شهادة الذات للذات، وشهدت الملائكة شهادة المشهد فلم يروا أحداً آخر إلا هو، وكذلك، شهد أولو العلم الذين يأخذون من الأدلة


الصفحة التالية
Icon