إذن فالأمر هنا متشابه، إن الله يُدرَك بضم الياء وفتح الراء أو لا يُدْرَك، فما الذي تغير من الأحكام بالنسبة لك؟ لا شيء. إذن فهذه الآيات المتشابهات لم تأتِ من أجل الأحكام، إنما هي قد جاءت من أجل الإيمان فقط، ولذلك فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينهي كل خلاف للعلماء حول هذه المسألة بقوله وهو الرسول الخاتم:
«إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه منه فآمنوا به».
إن المُتشَابه من الآيات قد جاء للإيمان به، والمُحْكَم من الآيات إنما جاء للعمل به، والمؤمن عليه دائما أن يرد المُتشَابِه إلى المُحْكَم. مثال ذلك عندما نسمع قول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ [الفتح: ١٠].
إن الإنسان قد يتساءل: «هل لله يد» ؟ على الإنسان أن يرد ذلك إلى نطاق ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾. وعندما يسمع المؤمن قول الحق: ﴿الرحمن عَلَى العرش استوى﴾ [طه: ٥].
فهل لله جسم يستقر به على عرش؟ هنا نقول: هذا هو المُتشَابِه الذي يجب على المؤمن الإيمان به، ذلك أن وجودك أيها الإنسان ليس كوجود الله، ويدك ليست كيد الله وأن استواءك أيضا ليس كاستواء الله. ومادام وجوده سبحانه ليس كوجودك وحياته ليست كحياتك فلماذا تريد أن تكون يده كيدك؟
هو كما قال عن نفسه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾. ولماذا أدخلنا الله إلى تلك المجالات؟ لأن الله يريد أن يُلفت خلقه إلى أشياء قد لا تستقيم في العقول؛ فمن


الصفحة التالية
Icon