ويقول الحق مثالاً على ذلك: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ والذين مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا... ﴾
وساعة تسمع «كدأب كذا» فالدأب هو العمل بكدح وبلا انقطاع فنقول: فلان دأبه أن يفعل كذا أي هو معتاد دائماً أن يفعل كذا. أو نقول: ليس لفلان دأب إلا أن يغتاب الناس.
فهل معنى ذلك أن كل أفعاله محصورة في اغتياب الناس، أو أنه يقوم بأفعال أخرى؟ إنه يقوم بأفعال أخرى لكن الغالب عليه هو الاغتياب، وهذا هو الدأب. فالدأب هو السعي بكدح وتوالٍ حتى يصبح الفعل بالتوالي عادة. إذن فقوله الحق: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ أي كعادة آل فرعون. وآل فرعون هم قوم جاءوا قبل الرسالة الإسلامية، وقبلهم كان قوم ثمود وعاد وغيرهم.
ويلفتنا الحق سبحانه إلى أن ننظر إلى هؤلاء ونرى ما الذي حدث لهم، إنه سبحانه لم يؤخر عقابهم إلى الآخرة؛ لأنه ربما ظن الناس أن الله قد ادخر عذاب الكافرين إلى الآخرة؛ لأنه قال: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ الله شَيْئاً وأولئك هُمْ وَقُودُ النار﴾ [آل عمران: ١٠].
لا، بل العذاب أيضا في الدنيا مصداقاً لقوله الحق: