وفي أمريكا عندما شنوا حملة شعواء على تناول الخمور، هل حاربوها لأن الإسلام حرمها؟ لا، ولكن لأن واقع الحياة الصحية طلب منهم ذلك. إذن ﴿وَلَوْ كَرِهَ الكافرون﴾، ﴿وَلَوْ كَرِهَ المشركون﴾ : معناهما أنهم سيلجأون إلى نظام الإسلام ليحل قضاياهم. فإن لم يأخذوه كدين فسوف يأخذونه نظاما.
﴿فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ البينات فاعلموا أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أي إياكم أن تظنوا أنكم بزللكم أخذتم حظوظ أنفسكم من الله، فإن مرجعكم إلى الله وهو عزيز وعزته سبحانه هي أنه يَغلب ولا يُغلب، فهو يدبر أمورنا برحمة وحكمة. ويقول الحق بعد ذلك: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام... ﴾
أي ماذا ينتظرون؟ هل ينتظرون أن تداهمهم الأمور ويجدوا أنفسهم في كون وإن أخذ زخرفة فهو يتحول إلى هشيم تذروه الرياح، ويصير الإنسان أمام لحظة الحساب.
وقوله: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ مأخوذة من النظر. والنظر هو طلب الإدراك لشيء مطلق. وطلب الإدراك لأي شيء بأي شيء يُسمى نظرا. ومثال ذلك أننا نقول لأي إنسان يتكلم في أي مسألة معنوية: أليس عندك نظر؟ أي هل تملك قوة الإدراك أم لا؟
إذن فالنظر هو طلب الإدراك للشيء، فإن طلبت أن ترى فهو النظر بالعين، وإن طلبت أن تعرف وتعلم؛ فهو النظر بالفكر وبالقلب. وأحيانا يُطلق النظر على الانتظار، وهو طلب إدراك ما يتوقع.


الصفحة التالية
Icon