﴿إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين وَيُحِبُّ المتطهرين﴾ وأراد الحق تبارك وتعالى أن يدخل عليك أنسا، فكما أنه طلب منك أن تتطهر ماديا فهو سبحانه قبل أيضاً منك أن تتطهر معنويا بالتوبة، لذلك جاء بالأمر حسيا ومعنويا. وبعد ذلك جاء الحق سبحانه وتعالى بحكم جديد، هذا الحكم ينهي إشكالا أثاره اليهود.
وقد كان اليهود يثيرون أن الرجل إذا أتى امرأته من خلف ولو في قُبلها بضم القاف جاء الولد أحول. «القُبل» هو مكان الإتيان، وليس معناه الإتيان في الدبر والعياذ بالله كما كان يفعل قوم لوط. ولّما كان هذا الإشكال الذي أثاره اليهود لا أساس له من الصحة فقد أراد الحق أن يرد على هذه المسألة فقال: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ واتقوا الله... ﴾
إن الحق سبحانه وتعالى يفسح المجال للتمتع للرجل والمرأة على أي وجه من الأوجه شريطة أن يتم الإتيان في محل الإنبات. وقد جاء الحق بكلمة ﴿حَرْثٌ﴾ هنا ليوضح أن الحرث يكون في مكان الإنبات. ﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ﴾ وما هو الحرث؟ الحرث مكان استنبات النبات، وقد قال تعالى: ﴿وَيُهْلِكَ الحرث والنسل﴾ [البقرة: ٢٠٥]
فأتوا المرأة في مكان الزرع، زرع الولد، أما المكان الذي لا ينبت منه الولد فلا تقربوه. وبعض الناس فهموا خطأ أن قوله: ﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ﴾ معناه إتيان المرأة في أي مكان، وذلك خطأ؛ لأن قوله: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ﴾ يعني محل


الصفحة التالية
Icon