وعندما نقرأ قوله الحق: ﴿قُلْ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾ فلنا أن نلتفت إلى أن العلماء لهم وقفة في مسألة الإنزال، فمرة يقول الحق: ﴿والذين يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٤].
ومرة أخرى يقول الحق: ﴿وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الذي اختلفوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤].
وهكذا نجد أن «الإنزال» يأتي مرة متعديا ب «إلى»، ويأتي مرة مرة أخرى متعديا «بعلى». وقال بعض من العلماء: إن الكلام حينما يكون موجها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فالحق يقول: «أنزل عليك»، وكأن هؤلاء العلماء - دون قصد منهم - يفصلون بين بلاغ الله للرسول عن البلاغ إلى أمة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولم يلتفتوا إلى أن الغاية من إنزال المنهج على الرسول هو هداية الأمة.
ونحن نقول: إن علينا ألا نأخذ الأمر بسطحية من أسلوب ظهر لنا؛ ذلك أن هناك أسلوبا خفيَّا، وهو أن «إلى» و «على» إنما تفيدان أن المنهج نزل للأمة والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ فمرة يأتي الحق بالنزول متعديا ب «إلى» والخطاب موجه للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كقوله الحق: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرسول ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ [المائدة: ٨٣].
ومرة يأتي الحق بالنزول متعديا ب «على» والخطاب موجه للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ


الصفحة التالية
Icon