ذلك يتم عن جهل، ولكنه أمر كان يتم بقصد وعن علم. وبلغت المسألة منهم مبلغ أنهم شهود على الحق. وبرغم ذلك أصروا على الضلال والإضلال. ومعنى «الشهود»، أنهم عرفوا ما قالوا ورأوه رأي العين، فالشهود هو رؤية لشيء تشهده، وليس شيئا سمعته، لذلك يذكرهم الحق سبحانه بقوله: ﴿وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
إنَّ الرسالة التي جاء بها محمد مبلغا واضحة، وهذا مذكور في كتبكم السماوية. فما الذي يجعلكم - يا أهل الكتاب - لا تلتزمون طريق الحق وأنتم شهود؟ لا بد أنكم قد مستكم شبهة إن الله يغفل عن ذلك، فقال لهم لا: ﴿وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
وبعد ذلك يأتي قول الحق سبحانه: ﴿ياأيها الذين آمنوا إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾
معنى ذلك أن الله نبّه الفئة المؤمنة إلى أن الذين يكفرون بآيات الله لن يهدأ بالهم ما دمتم أنتم - أيها المؤمنون - على الجادة، وما دمتم مستقيمين، ولن يهدأ للكافرين بآيات الله بال إلا أن يشككوا المؤمنين في دينهم، وأن يبغوها عوجا، وأن يكفروهم من بعد إسلامهم.
وهذه قضية يجب أن ينتبه لها الذين آمنوا؛ لأن الذين يبغون الأمر عوجا قد ضلوا وأضلوا، وهم يشهدون على هذا، ويعلمون أنّ الله غير غافل عما يعملون، فماذا يكون موقف الطائفة المؤمنة؟ إن الحق سبحانه يوضحه بقوله: ﴿ياأيها الذين آمنوا﴾.


الصفحة التالية
Icon