ونعرف أن في ﴿صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ﴾ نفعولين: الأول هو ضمير المخاطبين في قوله: ﴿صَدَقَكُمُ﴾، والثاني هو قوله «وَعْد» المضاف إلى الضمير العائد على لفظ الجلالة «الله» فهو - سبحانه - قد أحدث وعداً، والواقع جاء على وفق ما وعد. لقد قال الحق: ﴿إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: ٧]
وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون﴾ [الصافات: ١٧٣]
والآيتان تؤكدان قضية وعدية، بعد ذلك جاء التطبيق العملي.. فهل وقع الوعد أو لم يقع؟ لقد وقع، ومتى؟ فهل يشير الحق في هذه الآية إلى موقعة بدر؟
﴿إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾. و ﴿تَحُسُّونَهُمْ﴾ أي تُذهبون الحس منهم، والحس: هو الحواس الخمس، ومعنى أذهبت حسه يعني أفقدته تلك الحواس. ﴿إِذْ تَحُسُّونَهُمْ﴾ وقد حدث، وتمكنتم منهم؛ تقتلونهم وتأسرونهم، أو الحس: هو الصوت الذي يخرج من الإنسان، وما دام فقد الحس يعني انتهى، ﴿إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾ فحينما صدقتم لقاءكم لعدوكم على منهج الله صدق الله وعده؛ هذا في بدر.
أما هنا في أُحد فقد جاء فيكم قوله: ﴿حتى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ أي جبنتم. ﴿وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمر وَعَصَيْتُمْ﴾ أمر الرسول ﴿مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ﴾ وهي الغنائم، ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخرة﴾. كأنه سبحانه يعطينا العبرة من معركتين: معركة فيها صدق وعد الله، وفعلا انتصرتم، وأيضا صدق وعد الله حينما تخليتم