وبعد ذلك قال الحق: ﴿خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ كالفخار وَخَلَقَ الجآن مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ﴾ [الرحمن: ١٤ - ١٥] وقال سبحانه: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثقلان﴾ [الرحمن: ٣١] وقال تعالى: ﴿يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] إذن فمن خاف مقام ربه، هو من الجن أو من الإنس، إن كان من الجن فله جنة، وإن كان من الإنس فله جنة أخرى. إذن فمن خاف مقام ربه فله جنتان.
وهناك من يقول جنتان لكل واحد من الإنس والجن، لأن الله لا يعاني من أزمة أماكن، فحين شاء أزلا أن يخلق خلقا أحصاهم عدا من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة، وعامل الكل على أنه مؤمن مطيع، وأنشأ لكل واحد مكانه في الجنة، وعامل سبحانه الكل على أنه عاص، وأنشأ له مقعدا في النار، وذلك حتى لا يفهم أحد أن المسألة هي أزمة أماكن.
فإذا دخل صاحب الجنة جنته، بقيت جنة الكافر التي كانت معدة له على فرض أنه مؤمن؛ لذلك يقول الحق: ﴿وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف: ٧٢]