الإنسان، وهذه عناية من الحق الرحمن بمخلوقه المكرم وهو الإنسان. وجعل الله للإنسان وسيلة للتكاثر وربطها بعملية الإمتاع، وهذه الوسيلة في التكاثر تختلف عن وسائل التكاثر في الزروع والحيوانات، فوسيلة التكاثر في كل الكائنات هي لحفظ النوع فقط.
وأراد - سبحانه وتعالى - أن يكون الإمتاع مصاحباً لوسيلة التكاثر الإنساني، ذلك أن المشقَّات التي يتطلبها النسل كثيرة، فلا بد أن يجعل الله في عملية التكاثر متعة تغري الإنسان.
وأراد الحق سبحانه بذلك أن يأتي بالضعاف ليجعل منهم حياة قوية.
ويوصينا الحق باليتيم من البشر، وقد يقول قائل:
ما دام الحق سبحانه وتعالى يوصينا حتى ننشئ من اليتيم إنساناً قوياً وأن نحسن إلى اليتيم، فلماذا أراد الله أن يموت والد اليتيم؟. نقول: جعل الحق هذا الأمر حتى لا تكون حياة الإنسان ضربة لازب على الله، إنه يخلق الإنسان بعمر محدد معروف له سبحانه ومجهول للإنسان، فالإنسان قد يموت جنيناً أو طفلاً أو صبياً أو رجلاً أو هرماً، بل نحن نجد في الحياة إنساناً هرماً مازال يحيا بيننا ويموت حفيد حفيده، لماذا؟.
لأن الله أراد أن يستر قضية الموت عن الناس، فلا معرفة للإنسان بالعمر الذي سوف يحياه ولا بزمان الموت، ولا مكان الموت، حتى يكون الإنسان منا دائماً على استعداد أن يموت في أي لحظة.
وما دام الإنسان يعيش مستعدا لأن يموت في أي لحظة، فعليه أن يستحي أن يلقي الله على معصية. وأيضا لنعلم أن المنهج الإيماني؛ منهج يجعل المؤمنين جميعاً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، فإذا مات رجل وترك طفلاً يتيماً، ووجد هذا اليتيم آباء من المجتمع الإيماني، فإن المنهج الإيماني يستقر في قلب اليتيم اطمئناناً ويقيناً. ومن حكمة الموت ألا يفتن أحد في أبيه أو في الأسباب الممنوحة من الله للآباء، بل نكون جميعا موصولين بالله.
وما دام الحق سبحانه قد وضع لنا الأسباب لاستبقاء الحياة، ووضع لنا أسلوب


الصفحة التالية
Icon