بعد ذلك يكون قطعا منسوبا إليه. ويخجل الإنسان أن يكون ابنه مهينا أو عاريا أو جائعا أو غير معترف به؛ لذلك يحاول الأب أن يجعل من ابنه إنساناً مستوفيا لكل حقوقه مرفوع الرأس غير مهين، لا يقدحه واحد فَيَسُّبُهُ وينال منه قائلا: جئت من أين؟ أو من أبوك؟ فلا يعيش الطفل كسير الجناح ذليلا طوال عمره. فأراد سبحانه استبقاء النوع برابطة تكون على عين الجميع، وأن تكون هذه الرابطة على الطريق الشرعي.
ومن العجيب أننا نجد هذه المسألة ذات آثار واضحة في الكون، فالتي تحاول أن تزيل أثر جريمتها يجبرها الحنان الطبيعي كأم ألا تلقي ابنها الوليد في البحر بل أمام مسجد؛ فالطفل مربوط بحنان أمه ولكن الحنان غير شرعي ولذلك ترمي الأم الزانية بطفلها أمام المسجد حتى يلتقطه واحد من الناس الطيبين، فالزانية نفسها تعرف أنه لا يدخل المسجد إلا إنسان طيب قد يحن على الوليد ويأخذ هذا الطفل ويصير مأمونا عليه.
وهي لا تلقي بوليدها عند خمارة أو دار سينما، ولكن دائما تضعه عند أبواب المساجد، فالحنان يدفعها إلى وضع الطفل غير الشرعي في مثل هذا المكان؛ لأنها تخاف عليه، لذلك تلفه وتضعه في أحلى الملابس، وإن كانت غنية فإنها تضع معه بعضا من المال؛ لأن الحنان يدفعها إلى ذلك، والحياء من الذنب هو الذي يجعلها تتخلص من هذا الطفل.
إنها - كما قلنا - تحتاط بأن تضعه في مكان يدخله أناس طيبون فيعثر عليه رجل طيب، يأخذه ويكون مأمونا عليه. إذن فحتى الفاسق المنحرف عن دين الله يحتمي في دين الله؛ وهذا شيء عجيب.
والله يريد أن يبني بقاء النوع على النظافة والطهر والعفاف ولا يريد لجراثيم المفاسد أن توجد في البيوت؛ لذلك يشرع العلاقة بين الرجل والمرأة لتكون زواجا أمام أعين الناس. ويأخذ الرجل المرأة بكلمة الله.
وأضرب هذا المثل: نحن نجد الرجل الذي يحيا في بيت مطل على الشارع وله


الصفحة التالية
Icon