ثم ينكر القرآن مجرد فكرة الأخذ فيقول: ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾ لماذا؟ لأنه ليس ثمن استمتاعك بها طويلا، بل هو ثمن تمكنك منها، وهذا يحدث أَوَّل ما دخلت عليها. وإن أخذت منها شيئا من المهر بعد ذلك فأنت آثم، إلاَّ إذا رضيت بذلك، والإثم المبين هو الإثم المحيط.
ويأتي الحق من بعد ذلك بمزيد من الاستنكار فيقول: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ﴾. إنه استنكار لعملية أخذ شيء من المهر بحيثية الحكم فيقول: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ... ﴾.
فلو أدركتم كل الكيفيات فلن تجدوا كيفية تبرر لكم الأخذ، لماذا؟ لأن الحق قال: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ﴾ وانظر للتعليل: ﴿وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ﴾. إذن فثمن البُضْع هو الإفضاء، وكلمة ﴿أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ﴾ كلمة من إله؛ لذلك تأخذ كل المعاني التي بين الرجل والمرأة و «أفضى» مأخوذة من «الفضاء» والفضاء هو المكان الواسع، ﴿أفضى بَعْضُكُمْ﴾ يعني دخلتم مع بعض دخولا غير مضيق.
إذن فالإفضاء معناه: أنكم دخلتم معا أوسع مدَاخَلة، وحسبك من قمة المداخلة أن عورتها التي تسترها عن أبيها وعن أخيها وحتى عن أمها وأختها تبينها لك، ولا يوجد إفضاء أكثر من هذا، ودخلت معها في الاتصال الواسع، أنفاسك، ملامستك، مباشرتك، معاشرتك، مدخلك، مخرجك، في حمامك، في المطبخ، في كل شيء حدثت إفضاءات، وأنت ما دمت قد أفضيت لها وهي قد أفضت لك كما قال الحق أيضا في المداخلة الشاملة:


الصفحة التالية
Icon