ساعتين فيما يضيرني أن يحترق جلدي وتنتهي المسألة!! نقول له: لا إن الذي يعذبك لا يُغلب فسوف يديم عليك العذاب بأن يبدل لك الجلد بجلد آخر، وسبحانه حكيم. فالمسألة ليست مسألة جبروت يستعمله، لا. هو يستعمل جبروته بعدالة.
وبعد أن جاء بالعذاب أو بالجزاء المناسب لمن رفضوا الإيمان، لم ينس المقابل؛ لكي يكون البيان للغايتين: غاية الملتزم وغاية المنحرف. ولذلك يقول الحق بعد ذلك: ﴿والذين آمَنُواْ... ﴾.
وفي هذه الآية يصف الحق ثواب الفئة المقابلة للفئة السابقة وهم الذين آمنوا، ونعلم أن آخر موكب من مواكب الرسالة هو رسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. إذن فأمة سيدنا محمد هي أقرب الأمم إلى لقاء الله. فالأمم من أيام آدم أخذت زمناً طويلاً، لكننا نحن المسلمين قريبون، ولذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين».
ولذلك لم يقل الحق في الآية: سوف ندخلهم. بل قال: ﴿سَنُدْخِلُهُمْ﴾، أما مع الآخرين فاستخدم سبحانه «سوف» لأنها بعيدة، أو أن هذا كناية وإشارة من الله لإمهال الكفار ليتوبوا، وعندما يقرب لنا سبحانه المسافة فإنه يغرينا بالطاعة، المسألة ليست بعيدة، بل قريبة؛ لذلك يعبر عنها: ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾.


الصفحة التالية
Icon