نحسن التأويل وأن ننظر إلى المرجع النهائي، فمن استطاع أن يحمي نفسه في حياته بسطوته وجبروته لا يستطيع أن يحمي تاريخه وسمعته. إنه بعد أن انتهت السطوة والجبروت قيل فيه ما قيل، ونحن مازلنا في الدنيا ولم نذهب إلى الآخرة بعد؛ فإذا كان هذا هو جزاء الخلق. فما شكل جزاء الحق إذن؟!
﴿ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ أي مرجعاً وعاقبة.
ويقول الحق بعد ذلك: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يَزْعُمُونَ... ﴾.
نعرف أن ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تعلم، إن كان المعلوم قد سبق الحديث عنه، أو إن كان المعلوم ظاهراً حادثاً بحيث تراه، ونعرف أن الحق عبّر ب ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ في كثير من القضايا التي لم يدركها المخاطب وهو سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ليدلنا على أن ما يقوله الله - وإن كان خبراً عما مضى - يجب أن تؤمن به إيمانك بالمرئى لك الآن، لأن الله أوثق في الصدق من عينك؛ فعينك قد تخدعك، لكن حاشا أن يخدعنا الله.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ والمراد هم المنافقون وبعض من أهل الكتاب الذين زعموا الإيمان برسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. «والزعم» : مطية الكذب، فهم ﴿يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾