إنها بهيمة لا تفهم، وليعرف أنها لم تخلق لتفهم مسائل الإنسان، لأنها مسخرة له وقد يتعلم هو منها.
ودليلنا أن الله امتن على بعض المصطفين من خلقه بأن علمهم منطق الطير، فقد حزّ في نفس الهدهد أن رأى ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس من دون الله، وهو الطائر فقد فهم أن السجود لا يكون إلاّ لله الواحد القهار لا للشمس، وهكذا نرى الإنسان يتعلم الكثير من أخلاق الحيوانات وعاداتها؛ ولذلك نجد هواة تربية الحيوانات يتعرفون على طعام هذه الحيوانات بعد أن يتتبعوها ويعرفوا ماذا تأكل، وعن أي شي تبتعد، والفلاح يقدم البرسيم للجاموس ولا يقدم له النعناع؛ لأنه رأى الجاموس وهو حرّ لا يأكل النعناع بل يأكل البرسيم، وقال الحق على لسان النمل: ﴿ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ﴾ [النمل: ١٨]
نحن إذن الذين لا نفهم لغة النمل، ونجد البهيمة محكومة بالغريزة، لكن الإنسان يملك العقل، لكنه يغطي عقله بالهوى.
وقول الله: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ﴾ دليل على أن الذي أحلها، جعل التحليل لها في التسخير بدليل أن الحبل إن التف حول رقبة جاموسة أو رقبة خروف وقبل أن يختنق نجد الحيوان يمد رقبته، فيقول الناس: لقد طلب الحلال، فنادوا الجزار. وكأنه - وهو الحيوان - يطلب الذبح لينتفع الناس به، وكأنه يحس بالخسارة إن ضاع لحمه بلا فائدة، وهذا دليل على أنه مذلل، أما الحيوان غير المحلل فمن العجيب أنه لو حدث معه ذلك لما مد رقبته.
والأنعام هي المذكورة في قوله الحق: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين﴾ [الأنعام: ١٤٣]