﴿اتقوا الله﴾ فهل للنار وقاية؟ وهل لله وقاية؟ وهؤلاء لا يفهمون أن «اتقوا» تعني: اجعل وقاية بينك وبين ما يؤذيك ويتعبك، ف ﴿اتقوا الله﴾ تعني اجعل بينك وبين عقاب الله وقاية وهي الدرع التي يقيمها الإنسان بتنفيذ أوامر الله ب «افعل» والامتثال لنواهي الله ب «لا تفعل».
وعندما تجعل بينك وبين الله وقاية، فأنت تجعل بينك وبين غضب الله وقاية، وهكذا تتساوى «تقوى الله» مع «اتقاء النار».
ويذيل الحق الآية ﴿إِنَّ الله شَدِيدُ العقاب﴾. إنّ ما يجعل الناس تتهاون في التعاون على البر ويجترئون على الإثم أنهم لا يجدون من مجتمعاتهم رادعاً، ولو وجدوا الردع من المجتمع لحمى المجتمع أفراده من الإثم. وإن صار للمجتمع وعي إيماني لقاطع المخالفين وأشعرهم بأنهم منبوذون، وساعة يرى أمثال هؤلاء الناس أنهم منبوذون من المجتمع الإيماني فهم يرجعون إلى المنهج الحق.
فما يغري الناس على الجرائم الكبيرة إلاّ تهاون المجتمع في الجرائم الصغيرة. ولذلك يلفتنا الحق أنه لن يترك الأمر كما تركه بعض من خلقه؛ لأن الخلق قد يجاملون وقد لا يقفون أمام ما يفعله بعضهم من آثام، لكن الله شديد العقاب، سيأتي العقاب في وقت ليس للفرد فيه جاه من مال أو حسب أو نسب يحميه من الله، فإن أطمعك ضعف المجتمع في أن تتعاون على الإثم فعليك أن تخاف الله؛ لأن عقابه شديد.
وكيف يأتي العقاب إلى المذنب؟ لا نعرف؛ لأننا لسنا آلهة، ونجد العقاب يتسلل إلى المذنب في نفسه كمرض مؤلم لا يصرف المذنب فيه ما عنده من مال فقط، لكنه قد يسأل الناس ليعالج نفسه، أو يعالج من يحب. وجنود عقاب الله قد لا تتأخر للآخرة بل تتسلل إلى حياة المذنب دون أن يعرفها وهذه هي شدة العقاب.
وبعد ذلك يأتي الحق بأمر تحريم أشياء بعد أن حلل الله أشياء في قوله: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام﴾. لقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يبين تخصيصا لما أحل من الأنعام.. فقد حلل الله من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر