وهل يصدر عن جسمها حركة ولو طرفة عين؟ فإن توافر ذلك في الذبيحة فهي حلال، وهكذا نعرف أن قوله الحق: ﴿إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ هو استثناء لغير الثلاثة الأول وهي: الميتة والدم ولحم الخنزير ومعها ما أهل لغير الله به لأنه محرم بطبيعة الإيمان العقدي.
﴿وَمَآ أَكَلَ السبع إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب﴾ ويحرم الحق ما أكله السبع إلا إذا كان الحيوان الذي أكله السبع لم يمت واستطاع واحد أن يذبحه الذبح الشرعي. وسبحانه يحريم ما لم يذبح بالأسلوب الشرعي، فلا يحل ذَبْح بعظم أو بِسِنّ والذي ذبح على النصب، أي المذبوح على الأحجار المنصوبة كالأصنام فهو حرام، والكلام هنا عقدي، والتحريم هنا بعارض عقدي.
و «النُّصُب» من الألفاظ التي وردت مفرداً ووردت جمعاً. ف «نصُب» هي جمع، مثلما نجمع كلمة «حمار» ونقول «حُمُر»، وفي هذه الحالة يكون مفردها «نِصاب»، ومرة تكون «نصب» مفرداً، مثلها مثل «طُنُب» وهو الحبل وجمعها «أطناب» أي حبال، وفي هذه الحالة يكون جمع «نُصُب» هو «أنْصَاب».
والنُّصُب هي حجارة كانت منصوبة حول الكعبة يذبح عليها المشركون الذبائح تقرباً للآلهة. والتحريم هنا بسبب عقدي مثله مثل تحريم ما أهل لغير الله به، فما أهل لغير الله فيه شرك بالله فافتقد ذكر الله الذي ذلل للإنسان هذا الحيوان القريب من الإنسان في الحس والحركة وغير ذلك. وكذلك أيضاً ما ذبح على النصب محرم؛ لأن النصب غير واهب ولا معط، والواجب أن نتقرب إلى الواجد الواهب.
﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بالأزلام﴾ واستسقم أي طلب القسمة، وكانت القسمة في بعض الأحيان عملية محرجة فيريدون إلصاقها بعيرهم، وهنا يقال: «إن الأزلام هي التي أمرتني». والأزلام هي قداح من الخشب مكتوب على بعضها: «أمرني ربي» ومكتوب على البعض الآخر: «نهاني ربي» وبعض من هذه القداح غفل بغير كتابة. وكان المشرك إذا أراد السفر فهو يذهب إلى سادن الكعبة أو الكاهن، ويخرج السادن أو الكاهن الأزلام من الكيس، ويحرك القداح ويختار المشرك قِدْحاً، فإن قرأ عليه «أمرني ربي» يسافر إلى المهمة التي يريدها، وإن لم يقرأ عليه ووجده غفلا فهو يعيد الكَرَّةَ؛ فإن وجد «نهاني ربي» لا يسافر.