الإنسان إن كان مريضا، ويطعم غيره، أو يؤديه في أوقات أخرى إن كان مريضا مرضا مؤقتا أو على سفر. وقد لا يؤدي الإنسان الزكاة لأنه فقير، وكذلك الحج لا يجب على من لم يملك الاستطاعة من مال أو عافية، ولا تبقى من أركان الإسلام غير الصلاة فإنها لا تسقط أبداً.
إن عظمة الصلاة توضحها كيفية تشريعها؛ لأن تشريعات أركان الإسلام كانت بالوحي، أما تشريع الصلاة فقد جاء وحده بالمباشرة ولم يقل الله لجبريل: «قل للنبي التكليف بالصلاة». بل استدعى الله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إليه وكلفه بالصلاة.
وقلنا من قبل - ولله المثل الأعلى - حين يريد الإنسان أن يقدم أمراً لمرءوسيه، فالموضوع قد يأخذ دوره في الأوراق اليومية التي تنزل منه إليهم. أما إذا كان الموضوع مُهمَّا فهو يتصل بالقائد التنفيذي للمرءوسين ويوضح مدى أهمية الموضوع، أما إذا كان الموضوع غاية في الأهمية فالرئيس يستدعي القائد التنفيذي للمرءوسين ويبلغه أهمية الموضوع. إذن فكيفية إنزال التكليف تكون على قدر أهمية الموضوعات فما بالنا - إذن - بركن استدعى الله فيه محمداً إلى السماء ليكلفه به؟
وقد رأينا أن بعض التكليفات تجيء إلى رسول الله بالإلهام أن يفعله، وبعضها جاء بالوحي من جبريل أن يفعله، أما الصلاة فقد فرضها الله عندما استدعى محمداً إلى السماء إلى الرفيق الأعلى وفرض الله عليه الصلاة بالمباشرة، وعلى أمة محمد أن تؤدي هذا الفرض خمس مرات في اليوم، ولا تسقط أبداً. ولذلك جعلها الحق فارقة بين المسلم والكافر، إن المسلم ساعة أذان الصلاة يقوم إلى الصلاة، وهي استدعاء من الخالق لمن خلقه ليحضر في حضرته كل يوم خمس مرات. وأنت حر بعد ذلك ألا تبرح لقاء ربك؛ ولا يمل الله حتى يمل العبد.
وإياكم أن تجعلوا للزمان مع الله تخطيطاً؛ فتقولوا: هذا للعمل والضرب في الأرض، وذلك لذكر الله؛ فمع ضربكم في الأرض لتبتغوا من فضل الله، إياكم أن تنسوا الله؛ لأن ذكر الله أمر دائم في كل حركة يقصدها الإنسان لعمارة هذا الوجود، وقد أراد الحق منا بوجودنا أن نعبده وحده لا شريك له: