ظاهرها عدل وباطنها رياء؛ لأننا نعلم أن لكل جارحة من الجوارح مجالاً تؤدي فيه وظيفتها؛ فاللسان أداؤه ووظيفته القول، والأذن فعلها أن تسمع، والأنف أداؤه أن يشم، ويجمع الجميع العمل. فالعمل إما أن يكون قولاً وإما أن يكون فعلا.
قال تعالى: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢ - ٣]
إذن فالقول محله اللسان، والفعل محله بقية الجوارح، والاثنان يجمعهما العمل.
ومن بعد ذلك يقول الحق: ﴿وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ... ﴾
وعندما نتأمل كلمة «وعد» نجدها تأتي، وتأتي أيضاً كلمة «أوعد» و «وعد» وكذلك أوعد إذا لم تقترن بالموعود به، تكون وَعَد للخير، و «أَوْعَد» للشر. ولكن لو حدث غير ذلك وجئت بالموعود به، فالاثنان متساويان، فيصح أن تقول «وعدته بالخير» ويصح أيضاً أن تقول: «وعدته بالشر». لكن إن لم تذكر المتعلق، فإن «وعد» تستعمل في الخير. و «أوعد» تستعمل في الشر. والشاعر يقول:
وإنِّي إنْ أوعدته أو وعدته | لُمخْلِفُ إِبعادي ومُنْجِزُ موعدي |