وحين يتكلم الحق سبحانه عن ذاته ونفسه، قد يتكلم بضمير المتكلم. فيقول: ﴿إنني أَنَا الله﴾ [طه: ١٤].
وقد يقول سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩].
ومرة يتكلم عن ذاته بما نسميه نحن ضمير الغيبة مثل قوله هنا: ﴿وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام: ٦١].
لأن ضمير المتكلم معه دليله، إنّ المتكلم يقول: أنا، ويخاطبك فيقول: أنت. لكن الذي يتكلم بضمير الغيبة لا بد أن يعود الضمير على مرجع لهذا الضمير. وحين يتكلم الحق عن ذاته بما يسمى لدينا ضمير الغيبة فإنه - سبحانه - يريد أن يبين لنا أنه في أجلىَ مجال المشاهدة والحضور؛ فكأنه إذا قال «هو» لا تنصرف إلا إلى ذاته العليا؛ فكأنه لا يوجد مرجع ضمير إلا هو، ولذلك يقول: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١].
وسبحانه يقول: «هو» قبل أن يذكر المرجع، وهو «الله» ؛ مع أن الأصل في المرجع أن يتقدم، ولكنه يقول: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١]
فكأنه إذا أُطلِق هذا الضمير فلا ينصرف إلا إلى ذاته. وحين يتكلم بضمير المتكلم نراه يتكلم عن ذاته بضمير الإفراد فيقول: ﴿إنني أَنَا الله﴾ [طه: ١٤].


الصفحة التالية
Icon