عليك تصرفاتك وفعالك، وهم يأخذون الروح أيضاً. وهؤلاء الملائكة لا يفرطون في هذه المهمة أو تلك. وحين ننظر في مادة ال «فاء»، وال «الراء» وال «الطاء» نجدها تأتي مرة «فرّط»، ومرة «أفرط». ومن العجيب أنها تأتي للمتقابلين؛ ففرَّط في الشيء أي أهمله، وأفرط في الشيء أي جاوز الحد والقدر في الحدث.
وهنا يقول الحق سبحانه: ﴿وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ﴾ أي لا يهملون ولا يقصرون. وفي إحدى قراءات القرآن نجد من يقرأ: «لا يفرطون» بالتخفيف، والمقصود أنهم لا يتجاوزون الحد. ولذلك نجد الحق يقول: ﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤].
ويقول الحق من بعد ذلك: ﴿ثُمَّ ردوا إلى الله... ﴾
وكلمة «ردوا» تفيدا أن كان لهم التقاء به أولا، وبعد ذلك سوف يرجعون، كيف؟ لقد كانوا منه إيجاداً ثم ردوا إليه حسابا ثوابا وعقابا؛ لأن الحق سبحانه وتعالى هو القائل: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ... ﴾ [طه: ٥٥].
﴿ثُمَّ ردوا إلى الله مَوْلاَهُمُ الحق﴾ وكلمة «مولى» تعني أنه هو الذي يليك، ولا يليك إلا من هو قريب منك. وهذا القريب قد يكون منْجدا لك إن حدث لك ما يفزعك وهو الذي يُعينك، وهكذا أخذت كلمة «مولى» معنى القريب، والناصر والمعين الذي تفزع إليه في شدائدك، وقد يوجد لك مولى في الدنيا وهو من الأغيار. ومن الجائز أن يتغير قلبه عليك، ومن الجائز أن تنالك الأحداث التي هي فوق قدرته


الصفحة التالية
Icon