والآكلات أكلا والهاضمات هضما».
وطبعاً كان هذا الكلام لوناً من هراء فارغ؛ لأن الحق إنما أنزل كلامه موزونا جاذباً لمعانٍ لها قيمتها في الخبر، ولذلك نزل القول الحق: ﴿أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾، «وقد جاء واحد هو عبد الله بن سعد بن أي سرح القرشي وكان أخا لسيدنا عثمان من الرضاعة وكان كاتباً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقعد في حضرة النبي. فنزلت الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ [المؤمنون: ١٢ - ١٤].
وانبهر بالأطوار التي خلق فيها الحق الإنسان فقال: ﴿تبارك الله أحسن الخالقين﴾. فقال له رسول الله: اكتبها فقد نزلت. واغْترّ الرجل وقال: إن كان محمدٌ صادقاً لقد أوحى إليّ كما أوحي إليه؛ وإن كاذباً لقد قلت كما قال: فأهدر رسول الله دمه. وقال لصحابته: من رآه فليقتله. وفي عام الفتح جاء به عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وقال: يا رسول الله، اعف عن عبد الله، فسكت رسول الله. قال عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: اعف عنه. فسكت رسول الله. وكررها ثالثا: اعف عنه يا رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: نعم.
وكان لسيدنا عثمان منزلة خاصة عند رسول الله، وأشار الرسول لسيدنا عثمان بن عفان، فأخذ الرجل وانصرف، فلما انصرف قال الرسول لصحابته: ألم أقل لكم من رآه فليقتله؟ قال سيدنا عباد بن بشر: يا رسول الله لقد جعلتُ إليك بصري - أي وجَّهت عيني لك - لتشير عليّ بقتله، فقال رسول الله لعباد بن بشر:» ما ينبغي لرسول أن تكون له خائنة الأعين «وأسلم ابن أبي سرح وحسن إسلامه».