﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الجن﴾. ومن العجيب - إذن - أنهم جعلوا لله شركاء، مع أن الله هو الذي خلق العابد والمعبود، والتعجيب من أمرين اثنين: أن يجعلوا شركاء لله من الجن أو من الملائكة، والعجيبة الأخرى أنه ﴿وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ وما معنى خرقوا له؟ معناها أنهم اختلقوا؛ لأن الخرق إيجاد فجوة في الشيء المستوى على قانون السلامة، ولذلك قال في السفينة: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ [الكهف: ٧١].
وخرقوا له. أي عملوا خرقاً في الشيء السليم الذي تأبى الفطرة أن يكون.
﴿وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ﴾ [الأنعام: ١٠٠].
أما القسم الذي ادّعى أن لله البنين فهم أهل الكتاب؛ إنهم قالوا ذلك: ﴿وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله﴾ [التوبة: ٣٠].
أما من جعلوا لله البنات، فهم بعض العرب الذين كانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله. ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بالبنين واتخذ مِنَ الملائكة إِنَاثاً﴾ [الإسراء: ٤٠].
وقال سبحانه: ﴿أَصْطَفَى البنات على البنين مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [الصافات: ١٥٣ - ١٥٤].