وعلى من يدعو ألا يتعجل الإجابة. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «يستجاب لأحدكم مالم يَعْجَل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي».
﴿وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ أي سواء أكان هذا الشيء مختاراً أم غير مختار؛ لأن المختار قد يختار شراً، ولأن الله وكيل عليه يقول له: لا، وغير المكلف ولا اختيار له، مقهور لإرادة الله مثل النار، فهي مأمورة أن تحرق، لكنه أمرها ألا تحرق سيدنا إبراهيم وتبقيه سليماً.
وتأتي الآية التالية لتؤكد دواعي عظمته سبحانه فيقول: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ... ﴾
ولماذا لا تدركه الأبصار؟ لأن البصر آلة إدراك لها قانونها بأن ينعكس الشعاع من المرئي إلى الرائي ويحدده، فلو أن الأبصار تدركه لحددته، وأصبح من يراه قادراً عليه، ولصار مقدوراً لكم؛ لأنه دخل في إدارككم. فلو أنك أدركت الله لكان الله مقدوراً لبصرك، والقادر لا ينقلب مقدوراً ابداً، إذن فمن عظمته انه لا يُدْرَك: أنت قد ترى الشمس، ولكن أتدعي أنك أدركتها؟ ﴿لا، لأن الإدراك معناه الإحاطة، وحين يقال «أدركه» أي لم يفلت منه، ولذلك عندما سار قوم فرعون وراء موسى وقومه قال أصحاب موسى: {اإِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾.
أي لا فائدة؛ لأن البحر أمامنا، إن تقدمنا نغرق، وإن تأخرنا أهلكونا وقتلونا. إذن «مُدرك» يعني محاطا به. فإذا أحاطت الأبصار بالله انقلب البصر قادرا، وصار الله مقدورا عليه. والقادر بذاته - كما قلنا - لا ينقلب مقدورا لخلقه أبدا.


الصفحة التالية
Icon