قبل أن نبدأ خواطرنا في سورة الأعراف لابد أن نلاحظ ملاحظة دقيقة في كتاب الله، الله يقول: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الانعام: ١٦٥]
ونقرأ الكلمة الأخيرة في سورة الأنعام ﴿رَّحيِمٌ﴾، ونجدها مبنية على الوصل؛ لأن آيات القرآن كلها موصولة، وإن كانت توجد فواصل آيات، إلا أنها مبنية على الوصل، ولذلك تجد ﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وعليها الضمة وبجوارها ميم صغيرة؛ لأن التنوين إذا جاء بعده باء، يقلب التنوين ميماً، فالميم الصغيرة موجودة على رحيم، قبل أن تقرأ ﴿بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ﴾، وتصبح القراءة: «غفور رحيم» «بسم الله».
وكل آيات القرآن تجدها مبنية على الوصل، فكأن القرآن ليس أبعاضاً. وكان من الممكن أن يجعلها سكوناً، وأن يجعل كل آية لها وقف، لا، إنّه سبحانه أراد القرآن موصولاً، وإن كان في بعض الآيات إقلاب، وفي بعضها إدغام، وهذا بغُنَّة، وهذا بغير غُنَّة، ويقول الحق:
بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ
﴿المص﴾وفي هذه الآية فصل بين كل حرف، فنقرأها: «ألف» ثم نسكت لنقرأ «لام» ثم نسكت لنقرأ «ميم» ثم نسكت لنقرأ «صاد». وهنا حروف خرقت القاعدة لحكمة؛ لأن هذه حروف مقطعة، مثل «الم، حم، طه، يس، ص، ق، وكلها مبنية على السكون مما يدل على أن هذه الحروف وإن الحروف وإن خيل لك أنها كلمة واحدة، لكن لكل حرف منها معنى مستقل عند الله، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:»