إذن فالسؤال يأتي لشيئين اثنين: إما أن تسأل لتتعلم، وهذا هو الاستفهام، وإما أن تسأل لتقرر حتى تصبح الحجة ألزم للمسئول، فإذا كان الله سيسأله، أي يسأله سؤال إقرار ليكون أبلغ في الاحتجاج عليه، وبعد ذلك يقولون: ﴿وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السعير فاعترفوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير﴾ [الملك: ١٠ - ١١]
وهذا اعتراف وإقرار منهم وهما سيدا الأدلة؛ لأن كلام المقابل إنما يكون شهادة، ولكن كلام المقر هو إقرار اعتراف.
إذن إذا ورد إثبات السؤال فإنه سؤال التقرير من الله لتكون شهادة منهم على أنفسهم، وهذا دليل أبلغ للحجة وقطع للسبل على الإِنكار. فإما أن يقر الإِنسان، وإن لم يقر فستقول أبعاضه؛ لأن الإِرادة انفكت عنها، ولم يعد للإِنسان قهر عليها، مصداقاً لقوله الحق: ﴿وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ... ﴾ [فصلت: ٢١]
والحق هنا يقول: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين﴾.
وهو سؤال للإِقرار. قال الله عنه: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ... ﴾ [المائدة: ١٠٩]
وحين يسأل الحق المرسلين، وهم قد أدوا رسالتهم فيكون ذلك تقريعاً للمرسَل إليهم.
ويقول الحق بعد ذلك: