﴿قَالَ اهبطوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ﴾ [الأعراف: ٢٤]
وكلمة «عدو» تعني وجود صراع، ومعارك سوف تقوم بين أولاد آدم بعضهم مع بعض، أو تقع العداوة بينهم وبين أعدائهم من سكان الأرض من جن وغيرهم، لكنها لمدة محدودة، ولذلك قال: ﴿وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ﴾.
أي أن لكم استقراراً في الأرض ومتاعاً إلى حين. وصراع صاحب الحق في الحق يجب أن يأخذه على أنه متاع في الدنيا ولا يأخذه على أنه معركة بلا جزاء، لا، فأنت تجاهد وتأخذ جزاء كبيراً على الجهاد وهذا متاع.
ويقول الحق بعد ذلك: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا... ﴾
كأنه قال: ﴿وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ﴾ فأحب أن يعطينا الصور لرحلة الحياة، ويرسم لنا علاقتنا بالأرض التي قال فيها: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً... ﴾ [البقرة: ٣٠]
فقد ربطنا بالأرض. إيجاداً من طينها، ومتعة بما فيها من ميزات، وخيرات وثمرات، ثم نموت لنعود لها ونبعث من بعد ذلك. فالإِنسان منا من الأرض، منها يحيا وفيها يموت، ويذهب إلى أصله ومرجعه، إلى الأم الأرض، فهي تكفته وتضمه وتأخذه في حضنها فهي الحانية عليه وبخاصة في وقت ضعفه. وساعة ما يكون الإِنسان في حالته الطيبة، وله أخ حالته عكس ذلك فإن قلب الأم إنما يكون مع الضعيف، ومع المريض، ومع الصغير.
والأرض هي التي تأخذ كل البشر، تأخذ الإِنسان وتمص منه الأذى، وتداري


الصفحة التالية
Icon