يغربه بالجرم. ومن كان يزين له، ومن اقتدى به. بالله ساعة يلتقيان في السجن ألا يلعن الأول الثاني؟ ﴿... كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حتى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨]
وبعد أن يلحق بعضهم بعضاً ويجتمعوا، يحدث بينهم هذا الحوار العجيب: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار... ﴾ [الأعراف: ٣٨]
فإن قلت الأخرى أي التي دخلت النار متأخرة كانت الأولى هي القدوة في الضلال وقد سبقتهم إلى النار، ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ﴾، أي أن الأولى هم القادة الذين أضلوا، والطائفة الأخرى هم الأتباع الذين قلدوا. ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا﴾. وهم يتوجهون بالكلام إلى ربنا: ﴿رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا﴾.
كيف يتأتى هذا؟. وكان المقياس أن يقول: قالت أخراهم لأولاهم أنتم أضللتمونا لكن جاء هذا القول، لأن الذين أضلوا غيرهم أهون من أن يخاطبوا؛ لأن الموقف كله في يد الله، وإذا ما قالوا لله المواجه للجميع: ﴿هؤلاء أَضَلُّونَا﴾ فهؤلاء، هذه رشارة إليهم، فكأن القول موجه لله شهادة منهم إلى من كان وسيلة لإضلالهم وهم يقولون لربنا هذا حتى يأخذوا عذاب الضعف من النار مصداقاً لقوله الحق: ﴿فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار... ﴾ [الأعراف: ٣٨]
فقال لهم جميعاً: ﴿... لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ﴾.