واحد من خلقه مكاناً في النار على أساس أنه سيكفر.
إذن فقد أعدَّ سبحانه جناناً بعدد خلقه، وأعدَّ أماكن في الجحيم بعددهم، فليست هناك أزمة أماكن عند إله قادر مقتدر. فإن آمنا كلنا فلن يضيق بنا واسع الجنة، ووالعياذ بالله - إن كفر الخلق جميعاً فلن تضيق بهم النار. فإذا كانوا جماعة من خلق سيدخلون الجنة بالعمل، فأين تذهب أماكن أهل النار؟ إن الحق بفضل منه يمنحها المؤمنين.
إذن فقد ورثوا الذين لم يستحقوا الجنة بسبب الكفر.
وبعد الكلام في الجنة والجزاء وفي حمد التلذذ والسرور والغبطة وفي عهد الجنة، بعد ذلك كان من المناسب أن يتكلم الحق سبحانه وتعالى عن موقف أهل الجنة من أهل النار؛ فيقول سبحانه: ﴿ونادى أَصْحَابُ الجنة... ﴾
وهكذا نرى التبكيت، وتصور لنا الآية كيف يرى أهل الجنة أهل النار، وهذا الترائي من ضمن النعيم ومن ضمن العذاب الأليم، فحين يرى المؤمن بمنهج الله من عاداه وقهره وآذاه وهو في النار فهذا من تمام اللذة. والآخر حين يرى مخالفه في الجنة فهذا أيضاً من تمام العذاب. إذن لابد أن يتراءوا، ولذلك يحدث الحوار، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار معترفين بأنهم وجدوا ما وعدهم به الله حقاً وصدقاً، وأن الحق قد وهبهم هذه الجنة. فهل - يا أهل النار - وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟
ونلاحظ أن هناك خلافاً بين الأسلوبين مع أن السياق المنطقي واحد؛ فأهل الجنة يقولون: «قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً»، ولم يأت بالكاف في كلمة ما وعد (الثانية) بل قال: «فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً» ؟