ويقول الحق بعد ذلك: ﴿ونادى أَصْحَابُ النار... ﴾
وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة مستغيثين طالبين أن يعطوهم ويفيضوا عليهم من الماء أو من رزق الله لهم في الجنة، فيقول أهل الجنة: نحن مربوطون الآن ب «كن»، ولم يعد لنا الاختيار، وقد حرم الله عليكم أي شيء من الجنة ومنعه عنكم، فأنتم يا أهل النار ممنوعون أو هذه المتع ممنوعة عنكم. وحين يطلب أهل النار الماء، فهم يطلبون أوليات الوجود، في نار أحاطت بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه.
ولذلك يقول الحق بعد ذلك عن الكافرين الذين حرم عليهم خير الجنة: ﴿الذين اتخذوا دِينَهُمْ... ﴾
وهكذا يبين لنا الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية من هم الكافرون الذين حرّم عليهم الجنة؛ إنهم من اتخذوا دينهم لهواً ولعباً، وأول مرحلة تمر على الإِنسان هي اللعب ثم تأتي له مرحلة اللهو. ونعلم أن كل فعل تُوَجَّه إليه طاقة فاعلة، وقبل أن تُوجّه إليه الطاقة الفاعلة يمر هذا الفعل على الذهن كي يحدد الغاية من الجهد. وهذا المقصود له حدود؛ إما أن يجلب له نفعاً، وإما أن يدفع عنه ضُرًّا. وكل مقصد لا يجلب نفعاً ولا يدفع ضراً، فهو لعب.


الصفحة التالية
Icon