الأمين، حتى قبل أن يتصل به الوحي، وليس من المعقول أن يضره الوحي، أو أن يفقد بالوحي توازنه الخلقي، لذلك قال الحق سبحانه وتعالى:
﴿ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ١ - ٤]
كان خُلُق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خُلُقاً عظيماً؛ لأن الخُلق هو الصفات التي تؤهل الإنسان لأن يعيش في مجتمع سليم وهو مسالم. ومادام خُلُقه سليماً، فمعيار الحكم عنده سليم.
وبعد ذلك قالوا عنه: إنه «ساحر»، ونقول لهؤلاء: لماذا إذن لم يسحر كبار رجال قريش ليؤمنوا برسالته؟ إن كل ذلك جدل خائب، والمسألة ليس فيها سحر على الإطلاق. ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾
الجنَّة التي تقولون عليها وتفترون بها على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هي منتَهى العقل ومنتهى الخلق، فمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نذير واضح، جاءكم أولاً بالبشارة لكنكم في غيكم لا تستحقون البشارة، بل تستحقون الإنذار.
ويقول الحق بعد ذلك: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ... ﴾
وبذلك ينتقل الجدل من الرسول المباشر لهم الذي يأخذ بيدهم إلى الإيمان الأعلى، ينتقل الجدل إلى التفكير ومسئوليته: