قومه أن يأخذوا بثأره، فاقترح أبو جهل قائلا: نأخذ من كل قبيلة من قبائلنا فتى جلداً قويّاً، وبعد ذلك يذهبون إلى محمد وهو في فراشه ويضربونه ضربة رجل واحد، فإذا مات تفرق دمه في القبائل، ولن تستطيع قبيلة محمد أن تواجه القبائل كلها، فيرضون بالدية، وندفعها لهم وننهي هذا الأمر.
هكذا ناقش القوم تثبيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتقييد حركته أو إخراجه من بلده أو قتله، وكل هذا بمكر وتبييت. وكشف الله لرسوله كل ذلك وأخرجه من مكة مهاجراً إلى المدينة ليوضح لهم أنه سبحانه خير الماكرين حقّاً وصدقاً.
ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: ﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا... ﴾
وقول الحق: «آياتنا» يعني آيات القرآن؛ لأننا عرفنا من قبل أن الآيات إما أن تكون الآيات الكونية التي تلفت إلى وجود المكوِّن الأعلى مثل الليل والنهار والشمس والقمر، وإمّا أن تكون الآيات بمعنى المعجزات: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها﴾ [الأعراف: ٢٠٣].
وهذه الآيات المعجزة علامة على أنه صادق. أو الآيات التي هي قسط من القرآن وهو المنهج.


الصفحة التالية
Icon