وبعد أن نزلت هذه الآية الكريمة، وكانت موافقة لما اتخذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قرارات، وأبلغ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الأسرى بالحكم النهائي من الله: لا تفكون إلا بالفداء أو بضرب الرقاب. وهنا قال سيدنا عبد الله بن مسعود: يا رسول الله إلا سَهْل بَن بيضاء فإنني عرفته يذكر الإسلام ويصنع كذا وكذا، فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع عليَّ حجارة من السماء مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: إلا سَهْل بن بيضاء، وقول الحق تبارك وتعالى:
﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧٠].
أي ما دام في قلوبكم الخير وقد آمنتم أو ستدخلون في الإسلام؛ فالله يعلم ما في وسيغفر لكم لأنه غفور رحيم. وعندما استقر الأمر قال بعض من الأسرى: يا رسول الله: إن عندنا مالاً في مكة، اسمح لنا نذهب إلى هناك ونحضر لك الفداء، وخشي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن تكون هذه خدعة واحتيال، فماذا يفعل؟ أيطلق سراحهم ويصدقهم فيحضروا الفدية؟ أم هذه حيلة وقد أضمروا الخيانة والغدر؟.
فنزل قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ... ﴾
ويوضح الحق سبحانه وتعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: لا توافقهم على ما يريدون، فهم إن أضمروا لك الخيانة فقد خانوا الله من قبل فمكنك منهم فلا تأمن لهم، وسبحانه يعلم ما في صدورهم.
وبعد أن تكلم سبحانه عن قصة بدر وأسرى بدر، والمواقف التي وقفها