ويقول الحق عَزَّ وَجَلَّ بعد ذلك: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الناس يَوْمَ الحج الأكبر أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ... ﴾
وبعض الناس يقول ما دام الله تعالى قد قال: ﴿بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ١].
فلماذا يعيد سبحانه وتعالى:
﴿أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣].
ونقول: إن البراءة جاءت إعلاماً بالمبدأ، والأذن جاء لإبلاغ البراءة، و «أذان» معناها إعلام يبلغ للناس كلهم، تماماً كأذان الصلاة؛ فهو إعلام للناس بدخول وقت الصلاة. والأذان مأخوذ من الأذن. لأن الإنسان حين يعلم الناس بشيء لا بد أن يخطب فيهم فيسمعون كلامه بآذانهم، ولذلك تجد الأذن هي الوسيلة الأولى للإدراك، فقبل أن ترى تسمع، وقبل أن تتكلم لا بد أن تسمع، فإن لم تسمع من يتكلم لا تقدر أنت على الكلام. ولذلك يقول الحق جل جلاله: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ﴾ [البقرة: ١٨].
أي لا يسمعون، وما داموا لا يسمعون لا يتكلمون. وقد يأتي بعض الناس ويقول: إنَّ وسيلة الإعلام قد تعتمد على العين ويقرأ منها الإنسان. ولكن من يقول ذلك


الصفحة التالية
Icon