﴿قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الحسنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً﴾ [الكهف: ٨٧ - ٨٨].
هكذا أقام ذو القرنين العدل، بتعذيب الظالم وتكريم المؤمن صاحب العمل الصالح.
وقول الحق سبحانه وتعالى على لسان ذي القرنين: «أعينوني» يعطينا كيفية إدارة العدل في الكون، فذلك الذي أعطاه الله الأسباب إن أراد أن يعين الضعفاء فعليه أن يشركهم في العمل معه، ولا يعمل هو وهم يتفرجون وإلاَّ تعودوا على الكسل فتفسد همة كل منهم. ولكن إذا جعلهم يعملون معه سيتعلمون العمل ثم يتقنونه فتزداد مهارتهم وقوتهم في مواجهة الحياة؛ لذلك نجد أن ذا القرنين أشرك معه الضعفاء، وقال لهم: ﴿آتُونِي زُبَرَ الحديد﴾ [الكهف: ٩٦].
إذن فقد جعلهم يعملون معه ويبنون، وهذه أمانة القوي فيما آتاه الله تعالى من القوة، بل إننا نجده قد تفاهم معهم رغم أن الحق تبارك وتعالى قال فيهم: ﴿لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً﴾ [الكهف: ٩٣].
كيف تفاهم معهم؟ لعله استخدم لغة الإشارة وتحايل ليفهموا مقصده. ويدلنا القرآن على تفهمهم له أن قال الحق على لسانهم: ﴿قَالُواْ ياذا القرنين إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً﴾
[الكهف: ٩٤].
قد تَمَّ بناء السد بمعاونة هؤلاء الضعفاء، وكان بناء هذا السد بصورة تتحدى طاقة العدوان في كل من يأجوج ومأجوج، وقد حاول كل منهما أن يصعد فوق السد ليتغلب عليه، ولكنه كان فوق طاقة كل منهما فلم يستطيعا اختراقه، وهذا وضحه لنا المولى سبحانه وتعالى في قوله: ﴿فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْباً﴾ [الكهف: ٩٧].