حياتهم وإبقاء على دينهم الذي اختاروه، وقرر الحق أن يعطوا الجزية ﴿عَن يَدٍ﴾ واليد هي الجارحة التي تُؤدَّي بها الأعمال، وأغلب الأعمال إنما تُزَاوَلُ باليَد، ونجد القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾ [يس: ٣٥].
واللسان أيضاً آلة الكلام، والحق تبارك وتعالى يجازي على القول الطيب أو السيىء، ولكن الأصل في العمل هو «اليد»، وتطلق اليد ويراد بها القدرة التي تعمل، أو يراد بها النعمة، مثل قولنا: فلان له يد على فلان، وفلان له أياد بيضاء على الناس.
وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ﴾.
فهل المقصود ب ﴿عَن يَدٍ﴾ أي من يُعْطُونَ الجزية، أم أيدي الآخرين الآخذين للجزية؟
إن هذا القول: ﴿عَن يَدٍ﴾ مثلما يقال: فلان نفض يده من هذا الأمر، أي خرج عن الأمر ولم يعد يعاون عليه. إذن يكون معنى ﴿عَن يَدٍ﴾ أي غير رد للنعمة. وعن يد منهم أي من المعطين للجزية، أو ﴿عَن يَدٍ﴾ أي: يداً بيده فلا يجلس الواحد من أهل الكتاب في الأمة الإسلامية المحكومة بالإسلام في مكانه ويرسل رسولاً من عنده ليسلم الجزية، لا، بل عليه أن يدفعها ويحضرها بيده. أو نقول: ﴿عَن يَدٍ﴾ من معنى القدرة، فمن عنده قدرة، فتأخذ الجزية من القادر ولا نأخذها من العاجز.
إذن: يشترط في اليد إن كانت منهم ثلاثة ملاحظ؛ الملحظ الأول: أن


الصفحة التالية
Icon