وقوله تعالى: ﴿ذلكم خَيْرٌ﴾.. عن أي خير يتحدث سبحانه؟
إن نفرتم وجاهدتم بأموالكم وأنفسكم فهو خير، ولا بد أن يكون خيراً من مقابل له. والمقابل له هو القعود عن الجهاد بأموالكم وأنفسكم.
إذن: فالجهاد خير من القعود.
وكلمة ﴿خَيْرٌ﴾ تستعمل في اللغة استعمالين؛ الاستعمال الأول أن يراد بها الخير العام، كقوله تعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].
ويكون مقابلها في هذه الحالة هو الشر. ومرة تأتي «خير» بمعنى «أفعل التفضيل»، كأن تقول: هذا خير من هذا. وفي هذه الحالة يكون كل من الأمرين خيراً، ولكن أحدهما أفضل من الآخر، مثل قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «المؤمن القوي خَيْرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير»
فإن جاءت «خير» دون أن تسبقها «من» فالمراد بها المقابل لها، وهو «الشر».
ونجد بعضاً من أساتذة اللغة العربية يقولون: عندما تستخدم كلمة «خير» كأفعل تفضيل لا تقل: «خير»، بل قل: «الخير»، ولكن اللفظ المستخدم هنا هو «خير»، فإن استُعْمِل في أفعل التفضيل فهو يعطي الصفة الزائدة لواحد دون الثاني، والاثنان مشتركان في الخيرية.
وعلى سبيل المثال «كان عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عبد اسمه زيد بن حارثة اشترته خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، وأهدته لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وعرف أبو زيد