إذن:

كان من الضروري أن يقول ﴿وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾. بعد ﴿وَيُقِيمُونَ الصلاوة وَيُؤْتُونَ الزكاوة﴾ فبعد أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة عليهم أن يطيعوا الله في الإسلام الذي بني على هذه الأركان.
ثم يقول الحق: ﴿أولئك سَيَرْحَمُهُمُ الله﴾ وأولئك إشارة إلى كل المؤمنين والمؤمنات الذين هم أولياء بعض، والذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، والذين يؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، هؤلاء سيرحمهم الله. وأيهما أبلغ: أن يقال أولئك يرحمهم الله، أو يقال سيرحمهم الله؟
الأبلغ أن يقال: ﴿سَيَرْحَمُهُمُ الله﴾ لأن السين تهتك ستار الزمن؛ وبذلك يحيا المؤمن دائماً في رحمة الله التي لا تنقطع.
ولذلك حكى الحق سبحانه وتعالى عن المؤمنين الذين يعملون الصالحات فقال: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدّاً﴾ [مريم: ٩٦]
أي أن الود سيكون مستمرّاً، حتى لمن استمع إلى هذه الآية ثم مات، إنه أيضاً ينتفع بود الله. وأيضاً قال سبحانه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى﴾ [الضحى: ٥]
ولم يقل: يعطيك ربك، بل جاء ب ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ﴾ لترى عطاء الحق مستمرّاً.
وأنت حين تهدد أحداً لا تقل له: أنا أنتقم منك، بل تقول: سأنتقم منك، أي: أن الانتقام سيستمر مع الزمن.


الصفحة التالية
Icon