الذين يسلكون هذا السلوك مطابقاً لما اعتقدوه من اليقين والإيمان، لا هؤلاء المنافقين الذي قد يصلون أو يصومون ظاهراً. وكلمة ﴿وَبَشِّرِ﴾ و «استبشر» و «البشرى» و «البشير» كلها مادة تدل على الخبر السار الذي يجعل في النفس انبساطاً وسروراً؛ بحيث إذا رأيت وجه الإنسان وجدته وجهاً متهللاً تفيض بشرته بالسرور.
وبعد ذلك يتكلم الحق عن أمر شغل بال المؤمنين الذين كان لهم آباء على الكفر؛ ومن حقوق هذه الأبوة على الأبناء أن يستغفروا لهم لعل الله يغفر، وأراد الحق سبحانه وتعالى أن يبين لنا أن رعاية حدود الله وحقوقه أوْلَى من قرابة الدم، وأوْلى من عاطفة الحنوّ والرحمة؛ فالحق سبحانه وتعالى أوْلى بأن يكون الإنسان باراً به من أن يكون بارّا بالأب الكافر، وقد جعل الحق سبحانه النسبَ في الإسلام نفسه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين... ﴾
قبل أن يحظر الحق سبحانه على المؤمنين الاستغفار لآبائهم المنافقين، بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقالك ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾، وإذا كان النبي ينهى، فالمؤمنون من باب أوْلى ليس بهم الحق في ذلك؛ لأن الله لو أراد أن يكرم أحداً من الآباء لأجل أحد، لأكرم أباء النبي إن كانوا غير مؤمنين.
وكلمة ﴿مَا كَانَ﴾ تختلف عن كلمة «ما ينبغي» فساعة تسمع «ما ينبغي لك أن تفعل ذلك» فهذا يعني أن لك قدرة على أن تفعل، لكن لا يصح أن