وكأن هناك تمهيداً يعلِّمها الاستعداد للأمر قبل أن يقع، وحين جاء الأمر: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم... ﴾ [طه: ٣٨ - ٣٩]
والكلام هنا كلام عَجَلَة؛ لأن هذا وقت التنفيذ، وطمأنها سبحانه بأن أصدر أوامره للبحر أن يقذفه إلى الشاطئ:
﴿فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل... ﴾ [طه: ٣٩]
وأصدر الحق أوامرع إلى العدوِّ أن يأخذه؛ ليربيه: ﴿فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ... ﴾ [طه: ٣٩]
إذن: وارد الرحمن لا يأتي له رد أبداً.
وكذلك يستقبل المؤمن ﴿الم﴾ بسر الله فيها، لا بفهم عقله.
وأنا أنصح من يريد أن يقرأ القرآن تعبداً ألا يشغل نفسه بالمعنى، على خلاف من يقول: «اقرأ لتستنبط» ؛ لأن من يريد أن يستنبط هو الذي يقف عند اللفظ، ويطلب معناه. فإذا قرأت القرآن للتعبد؛ فلتقرأه بسر الله فيه؛ حتى لا تحدد القرآن بمعلوماتك؛ فتأخذه أخذاً ناقصاً بنقصك البشرى؛ لذلك في قراءة التعبد نأخذ اللفظ بسر الله في اللفظ؛ فليس كل قارئ للقرآن متخصصاً في اللغة؛ ليعرف أصل كل كلمة، والكثير منا أمي، يريد التعبد بالقرآن، إذن - فليأخذ القرآن بسر من لقنه إياها.


الصفحة التالية
Icon