وهنا في قوله الحق: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم﴾ المراد بها: الآيات القرآنية، وما دام الله هو خالق الآيات الكونية الحسية، وخالق المعجزات؛ وهو منزَِّل القرآن؛ فلا تعارض بين الآيات؛ لأن مصدرها واحد.
وقوله: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم﴾ [يونس: ١]
وكلمة ﴿الحكيم﴾ معناها: الذي يضع الشيء في موضعه الدقيق بحكمة، فلا ينظر إلى ظاهر معطيات الشيء الآن ويغفل ما قد يأتي به من مضرّة.
ولله المثل الأعلى أقول: إنك قد تصل إلى الشيء، وتظن أنه يخلصك من متاعب أخرى، لكنه قد يؤدي إلى شيء أضر، وهذا هو السبب في اختلاف ألوان ووظائف العقاقير المختلفة، ولذلك نجد الطبيب الحاذق يكتب عدداً من الأدوية؛ ليستخلص المريض منها ما يشفيه، ويحاول بقدر الإمكان أن يُجنبه الآثار الجانبية لتلك الأدوية.
إذن: فهذه حكمة؛ لأن الطبيب لا يكتب الدواء الواحد الذي قد يأتي منه أثر ضار، بل يكتب معه دواء يخفّف من ضرره، وهذه حكمة منه لأنه يعمل احتياطات لما قد ينشأ من ضرر أو أثر جانبي.
وفي أوائل الخمسينات، حاول العلماء أن يقللوا من أثر تهديد الحشرات للزروع، واخترعوا مادة اسمها «د. د. ت» لمقاومة الحشرات، وافتخروا بهذا كل الفخر حتى علا كل صوت، وهذا لأن البشرية وصلت إلى مادة تقضي على الحشرات، ولكنهم اكتشفوا أن هذه المادة تضر الكائنات الحية