فإن قلت: «محكم» تكون قد نسبته لله، وإن قلت: «حاكم» فهو الفاعل وهو يحكم في قمة العقيدة «لا إله إلا الله»، وهي شهادة ذات لذات، وشهادة مشهد من الملائكة، وشهادة أدلة من الخلق: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم... ﴾ [آل عمران: ١٨]
وساعة يفصل القرآن في هذه القضية، فهو يحكم حكماً عدلاً يبين وجه الحق في قمة العقائد. وهو حاكم في الأفعال؛ فيبين الحلال من الحرام ويضع حدّاً فاصلاً في الأحكام بين الحلال والحرام. وحاكم في الأخلاق.
إذن: «حاكم» تعني ما بين وجه الحق فيما تتعارض فيه الآراء والأفكار والمعسكرات المتضاربة.
و «حكيم» : إما أن تكون بمعنى «فاعل» وإما أن تكون بمعنى (مفعول) ووقعت الحكمة من قائله عليه، فصار «محكماً»، وإن كانت كلمة الحكيم بمعنى فاعل تكون بمعنى «حاكم» وكلمة حاكم تدل على أن هناك فريقين: فريق يقول قضية، وفريق آخر يناقضه، فيأتي الحاكم؛ ليفصل بين الأمرين، وليعدل وينصف.
وقد جاء القرآن هكذا: حاكماً في أمر القمة التي اختلف الخلق فيها؛ فمنهم من أنكر وجود إله وهم الملاحدة. ومنهم من قال: إن الإله هو غير الله، ومنهم من قال: الإله شريك لغيره، فجاء القرآن؛ ليفصل في هذه المسألة، وحكم فيها حكماً واضحاً، وبيِّن: يا من تقولون: لا إله؛ أنتم كذابون، ويا من تقولون: إن الإله غير الله؛ أنتم كذابون، ويا من تقولون: إن الإله غير الله؛ أنتم كذابون، وبا من تقولون: إن الإله له شركاء مع الله؛ أنتم كذابون، بل هو إله


الصفحة التالية
Icon