الوحي، فقد جاء جبريل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وبلغه أن يعلن ما أوحي إليه، ولو كنت أنت قادراً على سماع الوحي من جبريل، فما ضرورة إرسال الرسول إذن؟
إن الطاقة والقدرة العالية المرسلة إلى الموحى إليه تحتاج إلى قوة تحمل، وضربنا المثل من قبل بأن الإنسان حين ينقل طاقة من مصدر عال قوى إلى مصدر ضعيف فهو لا يُسرب الطاقة من القويّ إلى الضعيف دفعةً واحدة، وإلا لما تحمَّل الضعيف تلك الطاقة من القادمة إليه من القوى، ولذلك نحن نأتي بمحوِّل يتحمل طاقة قوى، ثم ينقل للضعيف ما يناسب قدرته، ومثال ذلك هو شراؤنا لمحول كهربي حين ننقل الكهرباء من مصدر طاقة عالي الجهد إلى مصدر آخر ضعيف قليل الجهد؛ مثل المصباح الصغير الذي تضيئه في المنزل ليلاً لينير بالقدر المناسب كيلا نرتطم بالأشياء، وهو ما نسميه بالعامية «ونّاسة». إذن: فمهمة المحول أن يستقبل من مصدر الطاقة القوي؛ ليضيء لمصدر الطاقة الضعيف.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى هو الذي يوحي للرسول، والرسول من البشر لا يمكنه التلقي المباشر عن الله؛ لذلك لا بد من واسطة تبلغ في الارتقاء بما يمسح لها بالتلقي عن الله، وتستطيع أن تلتقي بالبشر؛ وهذه خاصية المَلَك.
ورغم أن أصاب الجهد والتعب سيدنا رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أول تلقيه للوحي، وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعرف حتى يتفصد العرق من جبينه، وإذا انصرف