أن ينقلب الملَك إلى مرتبة بشرية؛ وهذه الصورة ليس فيها إجهاد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن عملية التحويل جاءت في الأعلى بينما يظل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما هو، «مثلاً دخل جبريل على رسول الله، وكان معه بعض من الصحابة، وسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ما الإيمان؟ وما الإسلام؟ وما الإحسان؟ ثم اختفى السائل، فسأل الصحابة رسول الله عن هذا السائل؛ فقال:» هذا جبريل جاءكم يُعلِّمكم أمور دينكم. «
هذه هي الصورة الأولى في الوحي، والتحول فيها كان من جهة الإرسال فلا مشقة فيها على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
أما الصورة الثانية، فقد كان فيها مشقة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن الملك يظل على طبيعته، والتحول إنما يحدث لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وكان التحول يقتضي عملية كيمياوية تصيبه بالجهد؛ فيقول بعد أن يُسرى عنه:»
زمّلوني. «
وشاء الحق أن يتلطف برسوله، ففتر الوحي فترة من الزمن. وقال الكافرون من العرب: إن رب محمد قد قلاه وهذا غباء منهم؛ لأنهم


الصفحة التالية
Icon