والمثال هو قوله الحق: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ... ﴾ [آل عمران: ٩٦]
وهذا القول الحق يحل لنا إشكالاً عاماً، فالبيت الحرام موضوع لكل الناس، من لَدُن آدم، وآدم أبو الناس.
ولا بد - إذن - أن يكون البيت موضوعاً قبل أن يكون آدم، وأن الذي وضعه هو من غير الناس، فالذي وضعه هو بأمر من الحق سبحانه، فلا يقولن أحد: إن إبراهيم - عليه السلام - هو الذي وضع البيت الحرام؛ لأن مهمة إبراهيم - عليه السلام - كانت هي رفع القواعد من البيت؛ لأننا لو قلنا: إن إبراهيم - عليه السلام - هو الذي بنى البيت؛ فكيف ينسجم هذا مع قوله الحق:
﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ... ﴾ [البقرة: ١٢٧]
وهو قول نفهم منه أن إسماعيل كان شريكاً لوالده في الرفع والبناء، ولا بد أن يكون قد امتلك درجة من القوة تجعله قادراً على مساعدة الأب في العمل.
وهذا القول أيضاً نفهم منه أن عملية رفع القواعد من البيت لم تتم وقت أن كان إسماعيل رضيعاً؛ لأن الحق سبحانه قال على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم... ﴾ [إبراهيم: ٣٧]
وهذا يعني أن البيت كان موجوداً قبل ذلك.