قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا﴾ [الأنعام: ١٠٨]
٧٧٦٢ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلَهُ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨]، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْمَوْتُ قَالَتْ قُرَيْشٌ: انْطَلِقُوا فَلْنَدْخُلْ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَلْنَأْمُرْهُ أَنْ يَنْهَى عَنَّا ابْنَ أَخِيهِ، فَإِنَّا نَسْتَحِي أَنْ نَقْتُلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَقُولَ الْعَرَبُ: كَانَ يَمْنَعُهُ فَلَمَّا مَاتَ قَتَلُوهُ، فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأُمَيَّةُ وَأُبَيٌّ ابْنَا خَلَفٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ، وَبَعَثُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ الْمُطَّلِبُ، قَالُوا: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَى أَبَا طَالِبٍ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ يُرِيدُونَ الدُّخُولَ عَلَيْكَ، فَأَذِنَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَدَخَلُوا، فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَنْتَ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، وَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ آذَانَا وَآذَى آلِهَتَنَا، فَنُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَهُ فَتَنْهَاهُ عَنْ ذِكْرِ آلِهَتِنَا، وَلِنَدَعَهُ وَإِلَهَهُ، فَدَعَاهُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ: هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ وَبَنُو عَمِّكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَاذَا يُرِيدُونَ؟» قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَدَعَنَا وَآلِهَتَنَا وَلِنَدَعَكَ وَإِلَهَكَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَعْطَيْتُكُمْ هَذَا، هَلْ أَنْتُمْ مُعْطِيَّ كَلِمَةً إِنْ تَكَلَّمْتُمْ بِهَا مَلَكْتُمُ الْعَرَبَ، وَدَانَتْ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ، وَأَدَّتْ لَكُمُ الْخَرَاجَ؟» قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَأَبِيكَ لَنُعْطِيَنَّكَهَا وَعَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَمَا هِيَ؟ قَالَ: " قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ "، فَأَبَوْا وَاشْمَأَزُّوا، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْ غَيْرَهَا فَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ فَزِعُوا مِنْهَا، قَالَ: «يَا عَمِّ مَا أَنَا بِالَّذِي يَقُولُ غَيْرَهَا حَتَّى يَأْتُوا بِالشَّمْسِ فَيَضَعُوهَا فِي يَدِي، وَلَوْ أَتَوْنِي بِالشَّمْسِ فَوَضَعُوهَا فِي يَدِي مَا قُلْتُ غَيْرَهَا» - إِرَادَةَ أَنْ يُوئِسَهُمْ - فَغَضِبُوا وَقَالُوا: لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا أَوْ لَنَشْتُمَنَّكَ وَنَشْتُمُ مَنْ يَأْمُرُكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨]
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٠]
٧٧٦٣ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، - هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ - عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٠٨] قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسُبُّونَ أَوْثَانَ الْمُشْرِكِينَ، فَيَرُدُّونَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَسِبُّوا لِرَبِّهِمْ قَوْمًا جَهَلَةً لَا عِلْمَ لَهُمْ بِرَبِّهِمْ


الصفحة التالية
Icon