: مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّخَذَ غَنَمًا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةُ وَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِ فَقَالَ: «يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ» قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةٍ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣] وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَةِ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ وَرَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَكَتَبَ لَهُمَا كَيْفَ يَأْخُذَانِ الصَّدَقَةَ وَأَسْنَانَ الْإِبِلِ، «وَأَمَرَهُمَا أَن يَخْرُجَا فَيَأْخُذَا الصَّدَقَةَ قَالَ لَهُمَا مُرَّا بِثَعْلَبَةَ وَبِفُلَانٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَخُذَا صَدَقَاتِهِمَا» فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا ثَعْلَبَةَ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ، وَأَقْرَآهُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَةٌ، مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ، مَا أَدْرِي مَا هَذِهِ؟ انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرُغَا، ثُمَّ عُودًا إِلَيَّ، فَانْطَلَقَا وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيُّ فَنَظَرَ إِلَى خِيَارِ أَسْنَانِ إِبِلِهِ فَعَزَلَهُمَا لِلصَّدَقَةِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُمْ بِهَا فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: مَا يَجِبُ عَلَيْكَ هَذَا، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَأْخُذَ مِنْكَ هَذَا، قَالَ: بَلَى فَخُذُوا، فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ لِي، فَأَخَذُوهَا مِنْهُ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ صَدَقَاتِهِمَا رَجَعَا حَتَّى مَرَّا بِثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: أَرُونِي كِتَابَكُمَا، فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ: «يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا وَدَعَا لِلسُّلَمِيِّ» فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ، وَالَّذِي صَنَعَ السُّلَمِيُّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [التوبة: ٧٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: ٧٧] وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَقَارِبِ ثَعْلَبَةَ فَسَمِعَ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى ثَعْلَبَةَ فَقَالَ: وَيْحَ يَا ثَعْلَبَةَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا وَكَذَا فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ صَدَقَتَهُ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ» فَجَعَلَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا عَمَلُكَ قَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تَطِعْنِي» فَلَمَّا أَبَى أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ شَيْئًا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئًا، أَتَى أَبَا بَكْرٍ حِينَ اسْتَخْلَفَ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعِي مِنَ الْأَنْصَارِ فَاقْبَلْ صَدَقَتِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلُهَا أَنَا؟ فَقَبَضَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَقْبَلْهَا فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ أَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إقْبَلْ صَدَقَتِي فَقَالَ: لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ؟ فَلَمْ يَقْبِضْهَا، فَقَبَضَ عُمَرُ وَلَمْ يَقْبَلْهَا ثُمَّ وَلِيَ عُثْمَانُ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ صَدَقَتَهُ فَقَالَ: لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ