فلما رأيت ذلك وعلمت أن علم الناسخ علم الحلال من الحرام وفيه من الغموض مع كثرة التطويل ما يدق فهمه عن كثير من ذوي الأفهام دعاني داعي المشيئة والإلهام إلى جمع مؤلف مزيلا للظلام مبالغا في اختصاره على وضوحه خشية تطويل الأحكام لا سيما والهمم قد ضعفت والنفوس قد جبلت على حب المختصر من الكلام واعتمدت فيه على ما ذكره الأئمة العلماء من المفسرين هداة الأنام
ومع ذلك فالفقير معترف بقصر الباع مغترف من بحر غيره للانتفاع موقن بأن أغراض المصنفين أغراض سهام ألسنة الحساد ما وجدوا إليها سبيلا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وسميته
قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن فأقول والله خير موفق ومعين وبه في أموري كلها استعين لطيفة فيها الحث على معرفة الناسخ والمنسوخ وذم من لم يعرفه ولو كان عنده في العلم رسوخ
قال صاحب كتاب الإيجاز روي بالإسناد الصحيح أن أمير المؤمنين عليا كرم الله وجهه رأى رجلا في المسجد يذكر الناس فقال له أتعرف الناسخ من المنسوخ قال لا فقال له هلكت وأهلكت وأخرجه من المسجد ومنعه من القصص فيه وروي مثل ذلك عن عبد الله بن عباس وأنه ركله برجله وقال له هلكت وأهلكت
وروى عن ابن عباس في قول الله تعالى
﴿ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ فقال هو معرفة القرآن الكريم ناسخة ومنسوخة ومحكمة ومتشابهة