[الآية الثالثة]

وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢).
السّحر: هو ما يفعله السّاحر من الحيل والتخييلات التي يحصل بسببها للمسحور ما يحصل من الخواطر الفاسدة الشبيهة بما يقع لمن يرى السّراب فيظنه ماء، وما يظنه راكب السفينة أو الدابة من أن الجبال تسير «١».
وقد اختلف: هل له حقيقة أم لا؟ فذهبت المعتزلة وأبو حنيفة إلى أنه خدع لا أصل له ولا حقيقة وذهب من عداهم إلى أن له حقيقة مؤثرة «٢».
وقد صح أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سحر: سحره لبيد بن الأعصم اليهودي حتى كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء ولم يكن قد أتاه!! ثم شفاه الله سبحانه «٣» والكلام في ذلك يطول.
قال الزجاج في قوله وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ: تعليم إنذار من السحر لا تعليم دعاء إليه.
قال: وهو الذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر ومعناه أنهما يعلمان على النهي فيقولان لهم: لا تفعلوا كذا ومِنْ في قوله مِنْ أَحَدٍ زائدة للتوكيد.
وقد قيل: إن قوله يُعَلِّمانِ من الإعلام لا من التعليم. وقد جاء في كلام العرب تعلم بمعنى أعلم، كما حكاه ابن الأنباري وابن الأعرابي وهو كثير في أشعارهم كقول كعب بن مالك:
تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد
وقال القطامي:
تعلم أن بعد الغيّ رشدا وأن لذلك الغي انقشاعا
(١) انظر فتح القدير [١/ ١١٩].
(٢) انظر فتح الباري [١٠/ ٢٢٢] وشرح النووي [١٣/ ١٧٤- ١٧٥]. [.....]
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح [١٠/ ٢٢١] ح [٥٧٦٣] ومسلم في الصحيح [٤/ ١٧١٩] ح [٢١٨٩].


الصفحة التالية
Icon